سورة الانفطار - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الانفطار)


        


{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)}
والمعنى التعجب من حالهم، كأنه سبحانه قال: إنكم تكذبون بيوم الدين وهو يوم الحساب والجزاء، وملائكة الله موكلون بكم يكتبون أعمالكم حتى تحاسبوا بها يوم القيامة، ونظيره قوله تعالى: {عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18 17] وقوله تعالى: {وَهُوَ القاهر فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} [الأنعام: 61] ثم هاهنا مباحث:
الأول: من الناس من طعن في حضور الكرام الكاتبين من وجوه:
أحدها: أن هؤلاء الملائكة، إما أن يكونوا مركبين من الأجسام اللطيفة كالهواء والنسيم والنار، أو من الأجسام الغليظة، فإن كان الأول لزم أن تنتقض بنيتهم بأدنى سبب من هبوب الرياح الشديدة وإمرار اليد والكم والسوط في الهواء، وإن كان الثاني وجب أن نراهم إذ لو جاز أن يكونوا حاضرين ولا نراهم، لجاز أن يكون بحضرتنا شموس وأقمار وفيلات وبوقات، ونحن لا نراها ولا نسمعها وذلك دخول في التجاهل، وكذا القول في إنكار صحائفهم وذواتهم وقلمهم.
وثانيها: أن هذا الاستكتاب إن كان خالياً عن الفوائد فهو عبث وذلك غير جائز على الله تعالى، وإن كان فيه فائدة فتلك الفائدة، إما أن تكون عائدة إلى الله تعالى أو إلى العبد والأول: محال لأنه متعال عن النفع والضر، وبهذا يظهر بطلان قول من يقول: إنه تعالى إنما استكتبها خوفاً من النسيان الغلط والثاني: أيضاً محال، لأن أقصى ما في الباب أن يقال: فائدة هذا الاستكتاب أن يكونوا شهوداً على الناس وحجة عليهم يوم القيامة إلا أن هذه الفائدة ضعيفة، لأن الإنسان الذي علم أن الله تعالى لا يجور ولا يظلم، لا يحتاج في حقه إلى إثبات هذه الحجة، والذي لا يعلم ذلك لا ينتفع بهذه الحجة لاحتمال أنه تعالى أمرهم بأن يكتبوا تلك الأشياء عليه ظلماً.
وثالثها: أن أفعال القلوب غير مرئية ولا محسوسة فتكون هي من باب المغيبات، والغيب لا يعلمه إلا الله تعالى على ما قال: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59] وإذا لم تكن هذه الأفعال معلومة للملائكة استحال أن يكتبوها والآية تقضي أن يكونوا كاتبين علينا كل ما نفعله، سواء كان ذلك من أفعال القلوب أم لا؟ والجواب: عن الأول: أن هذه الشبهة لا تزال إلا على مذهبنا بناء على أصلين أحدهما: أن البنية ليست شرطاً للحياة عندنا والثاني: أي عند سلامة الحاسة وحضور المرئي وحصول سائر الشرائط لا يجب الإدراك، فعلى الأصل الأول يجوز أن تكون الملائكة أجراماً لطيفة تتمزق وتتفرق ولكن تبقى حياتها مع ذلك، وعلى الأصل الثاني يجوز أن يكونوا أجساماً كثيفة لكنا لا نراها والجواب: عن الثاني أن الله تعالى إنما أجرى أموره مع عباده على ما يتعاملون به فيما بينهم لأن ذلك أبلغ في تقرير المعنى عندهم، ولما كان الأبلغ عندهم في المحاسبة إخراج كتاب بشهود خوطبوا بمثل هذا فيما يحاسبون به يوم القيامة، فيخرج لهم كتب منشورة، ويحضر هناك ملائكة يشهدون عليهم كما يشهد عدول السلطان على من يعصيه ويخالف أمره، فيقولون له: أعطاك الملك كذا وكذا، وفعل بك كذا وكذا، ثم قد خلفته وفعلت كذا وكذا، فكذا هاهنا والله أعلم بحقيقة ذلك الجواب: عن الثالث أن غاية ما في الباب تخصيص هذا العموم بأفعال الجوارح، وذلك غير ممتنع.
البحث الثاني: أن قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين} وإن كان خطاب مشافهة إلا أن الأمة مجمعة على أن هذا الحكم عام في حق كل المكلفين، ثم هاهنا احتمالان:
أحدهما: أن يكون هناك جمع من الحافظين، وذلك الجمع يكونون حافظين لجميع بني آدم من غير أن يختص واحد من الملائكة بواحد من بني آدم.
وثانيهما: أن يكون الموكل بكل واحد منهم غير الموكل بالآخرة، ثم يحتمل أن يكون الموكل بكل واحد من بني آدم واحداً من الملائكة لأنه تعالى قابل الجمع بالجمع، وذلك يقتضي مقابلة الفرد بالفرد، ويحتمل أن يكون الموكل بكل واحد منهم جمعاً من الملائكة كما قيل: إثنان بالليل، وإثنان بالنهار، أو كما قيل: إنهم خمسة.
البحث الثالث: أنه تعالى وصف هؤلاء الملائكة بصفات أولها: كونهم حافظين.
وثانيها: كونهم كراماً.
وثالثها: كونهم كاتبين.
ورابعها: كونهم يعلمون ما تفعلون، وفيه وجهان:
أحدهما: أنهم يعلمون تلك الأفعال حتى يمكنهم أن يكتبوها، وهذا تنبيه على أن الإنسان لا يجوز له الشهادة إلا بعد العلم والثاني: أنهم يكتبونها حتى يكونوا عالمين بها عند أداء الشهادة.
واعلم أن وصف الله إياهم بهذه الصفات الخمسة يدل على أنه تعالى أثنى عليهم وعظم شأنهم، وفي تعظيمهم تعظيم لأمر الجزاء، وأنه عند الله تعالى من جلائل الأمور، ولولا ذلك لما وكل بضبط ما يحاسب عليه، هؤلاء العظماء الأكابر، قال أبو عثمان: من يزجره من المعاصي مراقبة الله إياه، كيف يرده عنها كتابة الكرام الكاتبين.
النوع الثالث: من تفاريع مسألة الحشر قوله تعالى:


{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)}
اعلم أن الله تعالى لما وصف الكرام الكاتبين لأعمال العباد ذكر أحوال العاملين فقال: {إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ} وهو نعيم الجنة {وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ} وهو النار، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: أن القاطعين بوعيد أصحاب الكبائر تمسكوا بهذه الآية، فقالوا: صاحب الكبيرة فاجر، والفجار كلهم في الجحيم، لأن لفظ الجحيم إذا دخل عليه الألف واللام أفاد الاستغراق والكلام في هذه المسألة قد استقصيناه في سورة البقرة، وهاهنا نكت زائدة لابد من ذكرها: قالت الوعيدية حصلت في هذه الآية وجوه دالة على دوام الوعيد أحدها: قوله تعالى: {يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين} ويوم الدين يوم الجزاء ولا وقت إلا ويدخل فيه، كما تقول يوم الدنيا ويوم الآخرة الثاني: قال الجبائي: لو خصصنا قوله: {وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ} لكان بعض الفجار يصيرون إلى الجنة ولو صاروا إليها لكانوا من الأبرار وهذا يقتضي أن لا يتميز الفجار عن الأبرار، وذلك باطل لأن الله تعالى ميز بين الأمرين، فإذن يجب أن لا يدخل الفجار الجنة كما لا يدخل الأبرار النار والثالث: أنه تعالى قال: {وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} وهو كقوله: {وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا} [المائدة: 37] وإذا لم يكن هناك موت ولا غيبة فليس بعدهما إلا الخلود في النار أبد الآبدين، ولما كان اسم الفاجر يتناول الكافر والمسلم صاحب الكبيرة ثبت بقاء أصحاب الكبائر أبداً في النار، وثبت أن الشفاعة للمطيعين لا لأهل الكبائر والجواب عنه: أنا بينا أن دلالة ألفاظ العموم على الاستغراق دلالة ظنية ضعيفة والمسألة قطعية. والتمسك بالدليل الظني في المطلوب القطعي غير جائز، بل هاهنا ما يدل على قولنا: لأن استعمال الجمع المعرف بالألف واللام في المعهود السابق شائع في اللغة، فيحتمل أن يكون اللفظ هاهنا عائداً إلى الكافرين الذين تقدم ذكرهم من المكذبين بيوم الدين، والكلام في ذلك قد تقدم على سبيل الاستقصاء، سلمنا أن العموم يفيد القطع، لكن لا نسلم أن صاحب الكبيرة فاجر، والدليل عليه قوله تعالى في حق الكفار: {أُوْلَئِكَ هُمُ الكفرة الفجرة} [عبس: 42] فلا يخلو إما أن يكون المراد {أُوْلَئِكَ هُمُ الكفرة} الذين يكونون من جنس الفجرة أو المراد {أُوْلَئِكَ هُمُ الكفرة} وهم {الفجرة} والأول: باطل لأن كل كافر فهو فاجر بالإجماع، فتقييد الكافر بالكافر الذي يكون من جنس الفجرة عبث، وإذا بطل هذا القسم بقي الثاني، وذلك يفيد الحصر، وإذا دلت هذه الآية على أن الكفار هم الفجرة لا غيرهم، ثبت أن صاحب الكبيرة ليس بفاجر على الإطلاق، سلمنا إن الفجار يدخل تحته الكافر والمسلم، لكن قوله: {وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} معناه أن مجموع الفجار لا يكونون غائبين، ونحن نقول بموجبه: فإن أحد نوعي الفجار وهم الكفار لا يغيبون، وإذا كان كذلك ثبت أن صدق قولنا إن الفجار بأسرهم لا يغيبون، يكفي فيه أن لا يغيب الكفار، فلا حاجة في صدقه إلى أن لا يغيب المسلمون، سلمنا ذلك لكن قوله: {وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} يقتضي كونهم في الحال في الجحيم وذلك كذب، فلابد من صرفه عن الظاهر، فهم يحملونه على أنهم بعد الدخول في الجحيم يصدق عليهم قوله: {وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} ونحن نحمل ذلك على أنهم في الحال ليسوا غائبين عن استحقاق الكون في الجحيم، إلا أن ثبوت الاستحقاق لا ينافي العفو، سلمنا ذلك لكنه معارض بالدلائل الدالة على العفو وعلى ثبوت الشفاعة لأهل الكبائر، والترجيح لهذا الجانب، لأن دليلهم لابد وأن يتناول جميع الفجار في جميع الأوقات، وإلا لم يحصل مقصودهم، ودليلنا يكفي في صحته تناوله لبعض الفجار في بعض الأوقات، فدليلهم لابد وأن يكون عاماً، ودليلنا لابد وأن يكون خاصاً والخاص مقدم على العام، والله أعلم.
المسألة الثانية: فيه تهديد عظيم للعصاة حكي أن سليمان بن عبد الملك مر بالمدينة وهو يريد مكة، فقال لأبي حازم: كيف القدوم على الله غداً؟ قال: أما المحسن فكالغائب يقدم من سفره على أهله، وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه، قال: فبكى، ثم قال: ليت شعري ما لنا عند الله! فقال أبو حازم: أعرض عملك على كتاب الله، قال: في أي مكان من كتاب الله؟ قال: {إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ} وقال جعفر الصادق عليه السلام: النعيم المعرفة والمشاهدة، والجحيم ظلمات الشهوات وقال بعضهم: النعيم القناعة، والجحيم الطمع، وقيل: النعيم التوكل، والجحيم الحرص، وقيل: النعيم الاشتغال بالله، والجحيم الاشتغال بغير الله تعالى.
النوع الرابع: من تفاريع الحشر تعظيم يوم القيامة، وهو قوله تعالى:


{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)}
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في الخطاب في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ} فقال بعضهم: هو خطاب للكافر على وجه الزجر له، وقال الأكثرون: إنه خطاب للرسول، وإنما خاطبه بذلك لأنه ما كان عالماً بذلك قبل الوحي.
المسألة الثانية: الجمهور على أن التكرير في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدين} لتعظيم ذلك اليوم، وقال الجبائي: بل هو لفائدة مجددة، إذ المراد بالأول أهل النار، والمراد بالثاني أهل الجنة، كأنه قال: وما أدراك ما يعامل به الفجار في يوم الدين؟ ثم ما أدراك ما يعامل به الأبرار في يوم الدين؟ وكرر يوم الدين تعظيماً لما يفعله تعالى من الأمرين بهذين الفريقين.
المسألة الثالثة: في: {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ} قراءتان الرفع والنصب، أما الرفع ففيه وجهان:
أحدهما: على البدل من يوم الدين والثاني: أن يكون بإضمار هو فيكون المعنى هو يوم لا تملك، وأما النصب ففيه وجوه:
أحدها: بإضمار يدانون لأن الدين يدل عليه.
وثانيها: بإضمار اذكروا.
وثالثها: ما ذكره الزجاج يجوز أن يكون في موضع رفع إلا أنه يبنى على الفتح لإضافته إلى قوله: {لاَ تَمْلِكُ} وما أضيف إلى غير المتمكن قد يبنى على الفتح، وإن كان في موضع رفع أو جر كما قال:
لم يمنع الشرب منهم غير أن نطقت *** حمامة في غصون ذات أو قال
فبنى غير على الفتح لما أضيف إلى قوله إن نطقت، قال الواحدي: والذي ذكره الزجاج من البناء على الفتح إنما يجوز عند الخليل وسيبويه، إذا كانت الإضافة إلى الفعل الماضي، نحو قولك على حين عاتبت، أما مع الفعل المستقبل، فلا يجوز البناء عندهم، ويجوز ذلك في قول الكوفيين، وقد ذكرنا هذه المسألة عند قوله: {هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصادقين صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119].
ورابعها: ما ذكره أبو علي وهو أن اليوم لما جرا في أكثر الأمر ظرفاً ترك على حالة الأكثرية، والدليل عليه إجماع القراء والعرب في قوله: {مّنْهُمُ الصالحون وَمِنْهُمْ دُونَ ذلك} [الأعراف: 168] ولا يرفع ذلك أحد. ومما يقوي النصب قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا القارعة * يَوْمَ يَكُونُ الناس} [القارعة: 4 3] وقوله: {يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدين * يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13 12] فالنصب في {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ} مثل هذا.
المسألة الرابعة: تمسكوا في نفي الشفاعة للعصاة بقوله: {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} وهو كقوله تعالى: {واتقوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] والجواب: عنه قد تقدم في سورة البقرة.
المسألة الخامسة: أن أهل الدنيا كانوا يتغلبون على الملك ويعين بعضهم بعضاً في أمور، ويحمي بعضهم بعضاً، فإذا كان يوم القيامة بطل ملك بنى الدنيا وزالت رياستهم، فلا يحمي أحد أحداً، ولا يغني أحد عن أحد، ولا يتغلب أحد على ملك، ونظيره قوله: {والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وقوله: {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] وهو وعيد عظيم من حيث إنه عرفهم أنه لا يغني عنهم إلا البر والطاعة يومئذ دون سائر ما كان قد يغني عنهم في الدنيا من مال وولد وأعوان وشفعاء.
قال الواحدي: والمعنى أن الله تعالى لم يملك في ذلك اليوم أحداً شيئاً من الأمور، كما ملكهم في دار الدنيا.
قال الواسطي: في قوله: {يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} إشارة إلى فناء غير الله تعالى، وهناك تذهب الرسالات والكلمات والغايات، فمن كانت صفته في الدنيا كذلك كانت دنياه أخراه.
وأما قوله: {والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} فهو إشارة إلى أن البقاء والوجود لله، والأمر كذلك في الأزل وفي اليوم وفي الآخرة، ولم يتغير من حال إلى حال، فالتفاوت عائد إلى أحوال الناظر، لا إلى أحوال المنظور إليه، فالكاملون لا تتفاوت أحوالهم بحسب تفاوت الأوقات، كما قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وكحارثة لما أخبر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كأني أنظر وكأني وكأني والله سبحانه وتعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين.

1 | 2